للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السوداء) المقيت هو من أكبر العوامل التي تهدم اقتصاد الدولة، وبذلك يصبح التسعير الإلزامي صوريا لا ينفذ ولا يتم التعامل على أساسه، وإنما يكون ضرره عاما وبالغا؛ لأن الناس يتعاملون لسد حاجاتهم من السلع والمنافع الضرورية على أساس السعر الواقعي الخفي، لا الرسمي المعلن، إذ أن المشتري يقبل هذا السعر مهما كان مغالا فيه، بل هو يرفعه ويزيد فيه مضطرا، ونتيجة لهذا الوضع الاقتصادي الذي أنشأه التسعير الإلزامي نفسه، يضار كل من البائع والمشتري كلاهما على حد السواء.

أما التجار والمنتجون ومن إليهم، فإنهم لا يملكون الحرية أو الجرأة لعرض سلعهم وبيعها أو تصريفها على ما يختارون؛ خشية إدانتهم بالغرامة المالية الباهظة على أدنى مخالفة، فتتعثر بذلك حركة التجارة ويفتر النشاط الاقتصادي، وينقطع المنتجون عن الاستمرار في إنتاجهم وصناعتهم، توقيا من تحمل خسائر فادحة.

وكذلك فإن المستوردين (الجالبين) يحجمون عن الاستيراد إذا حدد لهم سعر معين يكرهون على التبايع به، إذ يرون فيه غبنا لحقهم، فتزداد الأزمة بذلك تفاقما ويضار الجالبون، كما يضار العامة على السواء، ولا سيما إذا كانت السلع أو البضائع المستوردة مما لا تنهض البلاد بإنتاجها أو صناعتها محليا.

وعلى هذا فإن التسعير - إذا لم يكن له موجب - سبب مباشر لضرر عام وجسيم، يحل بكل من البائعين والمنتجين والمستوردين من جهة،