للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدل الفقهاء كذلك بالمعقول من وجوه:

أ - لأن المال للبائع، فلم يجز منعه من بيعه بما تراضى عليه المتبايعان، كما لو اتفق الجماعة عليه (١).

ب - ولأن الثمن حق العاقد - البائع - وإليه تقديره (٢).

ج - ولأن التسعير تقدير الثمن، وأنه نوع من الحجر (٣).

د - والتسعير سبب التضييق على الناس في أموالهم وسبب الغلاء؛ لأن الجالب لن يقدم أبدا لبيع سلعته التي يكره على بيعها فيه بغير ما يريد، ومن عنده البضاعة يكتمها ويمتنع من بيعها، ويطلبها المحتاج فلا يجدها إلا قليلا، فيرفع في ثمنها ليحصلها فتغلوا الأسعار، ويحصل الإضرار بالجانبين، جانب المشتري (المستهلك) في منعه من الوصول إلى سلعته، وجانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم (٤).

إن التجار في السوق، وكذلك المنتجون والمستوردون (الجالبون)، يكتمون السلع ويخفونها عادة، فرارا من أسباب التضييق عليهم بالتسعير الإلزامي، فيطلبها المحتاجون فلا يجدونها، فيضطرون إلى رفع أثمانها ليحصلوا عليها ويسدوا بها حاجتهم، وهذه هي: (السوق السوداء) التي تنتشر عادة في أعقاب التسعير الرسمي، ومن المعلوم أن أسلوب (السوق


(١) المغني لابن قدامة ج٤ ص ٤٨١.
(٢) الهداية للمرغيناني ج٨ ص١٢٧.
(٣) نيل الأوطار للشوكاني ج٥ ص٢٣٣.
(٤) الشرح الكبير على متن المقنع لابن قدامه ج٤ ص٤٤، ٤٥.