للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العرض وقلة الطلب أو عكسه، وليس شيء من ذلك بسبب من أحد، استغلالا أو احتكارا، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتوجهوا بالدعاء إلى الله عز وجل؛ ليكشف ما بهم من ضيق، ولم يسعر، على الرغم من سؤالهم إياه ووجود ما يبرره، وعلل ذلك بكونه مظلمة والظلم حرام.

وبنحو هذه الأحاديث روى البيهقي أثرا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه مر بحاطب بن أبي بلتعة بسوق المصلى، وبين يديه غرارتان فيهما زبيب، فسأله عن سعرها فسعر له مدين بدرهم، فقال: (لقد حدثت بعير مقبلة من الطائف تحمل زبيبا، وهم يعتبرون سعرك، فإما أن ترفع في السعر، وإما أن تدخل زبيبك البيت فتبيعه كيف شئت)، فلما رجع عمر حاسب نفسه، ثم أتى حاطبا في داره فقال له: (إن الذي قلت لك ليس بعزيمة مني ولا قضاء، إنما هو شيء أردت به الخير لأهل البلد، فحيث شئت بع وكيف شئت بع) (١).

فهذا الأثر يدل على وجوب ترك التجار يبيعون بحسب ما يرونه مناسبا، ودون تدخل من ولاة الأمور للحد من حرية هؤلاء التجار في نشاطهم الاقتصادي، بدليل تراجع عمر عن رأيه حين أمر حاطبا أن يرفع سعر الزبيب الذي يبيعه حتى يوازي السعر العام السائد في السوق؛ لأن تدخله إنما كان بدافع حرصه على المصلحة العامة، ولم يكن فرضا منه ولا إلزاما.


(١) السنن الكبرى للبيهقي ج٦ ص٢٩.