يفهم من ترتيب قضاء التفث على ذكر الله على بهيمة الأنعام فإن هذا يعني بطلان أعمال الحج يوم العيد من رمي وحلق أو تقصير وطواف زيارة إذا فعل ذلك قبل الذبح أو النحر، ولا يخفى ما عليه إجماع أهل العلم قاطبة من أن الترتيب فيها مستحب وأنه لا حرج في تقديم واحد منها على الآخر لقوله - صلى الله عليه وسلم - حينما سئل عن تقديم بعض هذه الأفعال على بعض قال: «افعل ولا حرج (١)» فدل ذلك على أن غاية الأمر أن يكون مفهوم الترتيب الاستحباب، وبذلك ينتفي الاستدلال بالآية.
* * *
ثانيا: جاء في الصفحة الثالثة من البحث مناقشة الجصاص الاعتراض على منع تقديم ذبح هدي التمتع والقران بإجازة الصوم الذي هو بدل عنه قبل يوم النحر وقد كانت مناقشته في حاجة إلى مناقشة بما يلي:
أ - جاء في قوله إنه ثبت بالسنة امتناع ذبح الهدي قبل يوم النحر ويرد على ذلك بأنه لو كان الأمر كما ذكر من ثبوت امتناع ذبح هدي التمتع والقران قبل يوم النحر بالسنة لما حصل الخلاف في ذلك والثابت بخصوص الهدي إنما هو في الهدي المسوق تطوعا فلا يجوز ذبحه قبل يوم النحر، أما هدي المتعة والقران فإن القائلين بجواز ذبحه قبل يوم النحر يطالبون بالنص الصريح الثابت في امتناع ذبحه قبل يوم النحر من كتاب أو سنة بل إنهم يستدلون بهما على جواز ذلك.
ب - (ما ذكره بأن الصوم مراعى ومنتظر به شيئان إلى آخر قوله: هذا القول يمكن أن يقال في هدي المتعة وأيضا فإذا وجد المعنيان إتمام الحج والعمرة صح الهدي عن المتعة وإذا عدم أحدهما بطل أن يكون هدي متعة وصار هدي تطوع كصيام التطوع. ت - (قوله بأن الهدي رتب عليه أفعال أخرى من حلق وقضاء تفث وطواف زيارة فلذلك اختص بيوم النحر مناقشة ذلك ما مر في الملاحظة الأولى.
* * *
ثالثا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث ما نصه: فهذه الأحاديث منها ما هو نص في أن بدء وقت النحر للمتمتع والقارن يوم الأضحى ومنها ما يدل عليه بمفهومه أو مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه المناسك وقد نحر عن نفسه وعن أزواجه يوم الأضحى ونحر أصحابه كذلك
(١) صحيح البخاري العلم (٨٣)، صحيح مسلم الحج (١٣٠٦)، سنن أبو داود المناسك (٢٠١٤)، موطأ مالك الحج (٩٥٩)، سنن الدارمي المناسك (١٩٠٧).