للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يعرف عن أحد منهم أنه نحر هديه لتمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فكان ذلك عمدة في التوقيت بما ذكر من جهات عدة.

وإن ذلك ممكن أن يناقش بما يلي:

أ - إن المتتبع لجميع ألفاظ الأحاديث الواردة في البحث لا يجد فيها نصا على تحديد بدء وقت نحر هدي التمتع والقران بيوم الأضحى، وإنما النص في بعضها على أن من ساق الهدي فلا يجوز له الإحلال حتى ينحر هديه، ولا شك أن الهدي الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - وساقه بعض أصحابه ودخلوا به مكة في حجهم معه - صلى الله عليه وسلم - هدي تطوع دخل فيه هدي التمتع أو القران فهو متصل به اتصال الجزء بكله بحيث لا يمكن فصله عنه.

ب - إن القول بأن منها (أعني الأحاديث الواردة في البحث) ما يدل مع أمره - صلى الله عليه وسلم - أن نأخذ عنه مناسكنا على بدء التحديد بيوم النحر يرد عليه بإجماع الأمة على جواز ذبح هدي التمتع أو القران في اليوم الأول أو الثاني من أيام التشريق وهو - صلى الله عليه وسلم - ذبح يوم العيد وقال: «خذوا عني مناسككم (١)» فلو كان عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - «خذوا عني مناسككم (٢)» وارد على ذلك لكان الذبح في أيام التشريق غير جائز للمخالفة وقد لا يمكن القول بأن العموم مخصص بقوله - صلى الله عليه وسلم - «وكل أيام التشريق ذبح (٣)» فقد تكلم رجال الحديث في هذه الزيادة بما لا يتسع المقام لذكره وبما يبطل الاستدلال به للتخصيص مع أن قوله - صلى الله عليه وسلم - «خذوا عني مناسككم (٤)» عام في جميع أفعال النسك من ركن وواجب ومستحب وفي قوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٥)، تخصيص لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - «خذوا عني مناسككم (٦)».

ت - إن ما نحره عن نفسه هو هديه الذي ساقه - صلى الله عليه وسلم - تطوعا ودخل به مكة محرما وكان سوقه سبب امتناعه عن الإحلال، وأما نحره - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه في حجه فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك أضحية منه عنهن قال ابن حزم: ووجدنا ما رويناه من طريق مسلم نا أبو بكر بن أبي شيبة نا عبده بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع موافين لهلال ذي الحجة فكنت فيمن أهل بعمرة فقدمنا مكة فأدركني يوم عرفة


(١) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).
(٢) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٨٢).
(٤) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).
(٥) سورة البقرة الآية ١٩٦
(٦) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٦٢).