للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا حائض لم أحل من عمرتي فشكوت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " دعي عمرتك وانقضي رأسك وامتشطي وأهلي بالحج " قالت: ففعلت فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معي عبد الرحمن بن أبي بكر فأردفني وخرج بي إلى التنعيم فأهللت بعمرة وقضى الله حجنا وعمرتنا ولم يكن في ذلك هدي ولا صدقة ولا صوم (١)» إلى أن قال: فإن قيل: قد صح أنه عليه السلام أهدى عن نسائه البقر قلنا: نعم وقد بين معنى ذلك الإهداء سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنه كان أضاحي لا هدي متعة ولا هديا عن قران اهـ " (٢). وعلى فرض أن ما ذبحه - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه هدي تمتع أو قران فقد فعل الأفضل ولا شك أن الأفضل ذبح ذلك يوم العيد.

د - وأما القول بأنه لم يعرف أحد من أصحابه نحر هدي تمتعه أو قرانه قبل يوم الأضحى فإنه يمكن مناقشته بأن عدم معرفة أحد من الصحابة نحر هديه قبل يوم الأضحى لا يعني منع ذلك ولا نفي أن أحدا من الصحابة فعله ثم إن الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه وذكر أنه على شرط مسلم وأقره الذهبي صريح في أن سعد بن أبي وقاص ذبح هديه قبل يوم النحر، وقد أخرجه الطبراني في الكبير وذكر أن رجاله ثقات.

وسيأتي مزيد نقاش لهذا الحديث والاعتراض عليه بما في مجمع الزوائد عن عكرمة.

* * *

رابعا: جاء في الصفحة الثامنة من البحث الاحتجاج لذلك القول بالإجماع بما ذكره ابن عابدين ويمكن أن يناقش ذلك بما يلي:

لعل ابن عابدين - رحمه الله - يقصد بالإجماع إجماع أهل مذهبه مع أن ابن قدامة - رحمه الله - نسب إلى أبي حنيفة القول بوجوب هدي التمتع بالإحرام بالحج وذلك في كتابه " المغني "، كما نسب ذلك إليه ابن العربي في كتابه " أحكام القرآن " وابن مفلح في كتابه " الفروع " أما أن يقصد ابن عابدين إجماع الأمة على منع ذلك فبعيد جدا لوجود الخلاف القوي في المسألة بين العلماء من مالكيين وشافعيين وحنابلة وغيرهم، ولأن مثل ابن عابدين لا يخفى عليه الخلاف في المسألة لا سيما وهو خلاف مشهور وعلى فرض أن ابن عابدين يقصد بالإجماع إجماع الأمة فما ذكره غير صحيح والخلاف في ذلك مشهور يعرفه الخاص والعام.


(١) صحيح البخاري الحج (١٧٨٦)، صحيح مسلم الحج (١٢١١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٧٧).
(٢) المحلى ج٧ ص ١٩٣ - ١٩٤.