للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك فيما أورده الإمام الباجي عن ابن حبيب الفقيه المالكي، وعالم الأندلس في عصره: (ينبغي للإمام أن يجمع وجوه أهل سوق ذلك الشيء، ويحضر غيرهم استظهارا على صدقهم، فيسألهم: كيف يشترون؟ وكيف يبيعون؟ فينازلهم (يجادلهم) إلى ما فيه لهم وللعامة سداد، حتى يرضوا ولا يجبرون على التسعير ولكن عن رضا. . .)، ووجه ذلك، أنه بهذا يتوصل إلى معرفة مصالح الباعة والمشترين، ويجعل الباعة في ذلك من الربح ما يقوم بهم، ولا يكون فيه إجحاف للناس، وإذا سعر عليهم من غير رضى بما لا ربح لهم فيه أدى ذلك إلى فساد الأسعار وإخفاء الأقوات وإتلاف أموال الناس) (١).

الرابع: لا بأس به إن تعدى أرباب الطعام عن القيمة تعديا فاحشا، وهو ضعف القيمة، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا به، بعد مشورة أهل الرأي والبصيرة، وهو قول الحنفية (٢).

فقد أكد هذا الرأي صاحب كتاب الاختيار بقوله: (ولا ينبغي للسلطان أن يسعر على الناس، لما بينا. . . إلا أن يتعدى أرباب الطعام تعديا فاحشا في القيمة، فلا بأس بمشورة أهل الخبرة؛ لأن فيه صيانة حقوق المسلمين عن الضياع) (٣).

الخامس: وجوب التسعير إن اضطر الناس إليه، وهو قول متأخري


(١) المنتقى شرح موطأ الإمام مالك للباجي ج٥ ص١٩.
(٢) الهداية للميرغناني ج٨ ص١٢٧، وكشف الحقائق للأفغاني ج٢ ص٢٣٧.
(٣) الاختيار للموصلي ج٣ ص٢٢٧.