للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢ - (باب أين محل هدي الصيد) قال الشافعي - رحمه الله -: قال تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (١) قال الشافعي: (فلما كان كلما أريد به هدي من ملك ابن آدم هديا كانت الأنعام كلها وكل ما أهدي فهو بمكة - والله أعلم - ولو خفي عن أحد أن هذا هكذا ما انبغى - والله أعلم - أن يخفى عليه إذا كان الصيد إذا جزي بشيء من النعم لا يجزئ فيه، إلا أن يجري بمكة، فعلم أن مكة أعظم أرض الله تعالى حرمة وأولى أن تنزه عن الدماء لولا ما عقلنا من حكم الله في أنه للمساكين الحاضرين بمكة فإذا عقلنا هذا عن الله - عز وجل - فكان جزاء الصيد الطعام لم يجز - والله أعلم - إلا بمكة.

فلو أطعم في كفارة صيد بغير مكة لم يجز عنه، وأعاد الإطعام بمكة أو بمنى فهو من مكة لأنه كحاضر الحرم، ومثل هذا كل ما وجب على محرم بوجه من الوجوه من فدية أذى أو طيب أو لبس أو غيره، لا يخالفه في شيء لأنه كله من جهة النسك، والنسك إلى الحرم ومنافعه للمساكين الحاضرين الحرم.

وقال: (ومن حضر الكعبة حين يبلغها الهدي من النعم أو الطعام من مسكين كان له أهل بها أو غريب؛ لأنهم إنما أعطوا بحضرتها وإن قل، فكان يعطي بعضهم دون بعض، أجزأه أن يعطي مساكين الغرباء دون أهل مكة، ومساكين أهل مكة دون مساكين الغرباء، وأن يخلط بينهم ولو آثر به أهل مكة لأنهم يجمعون الحضور والمقام لكان كأنه أسرى إلى القلب والله أعلم (٢).


(١) سورة المائدة الآية ٩٥
(٢) الأم ص ١٥٧ للشافعي.