للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - قال المصنف - رحمه الله - تعالى:

(إذا وجب على المحرم دم لأجل الإحرام كدم التمتع والقران، ودم الطيب وجزاء الصيد وجب عليه صرفه لمساكين الحرم لقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (١) فإن ذبحه في الحل وأدخله الحرم، نظرت، فإن تغير وأنتن لم يجزئه؛ لأن المستحق لحم كامل غير متغير فلا يجزئه المنتن والمتغير، وإن لم يتغير ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجزئ لأن الذبح أمر مقصود به الهدي فاختص بالحرم كالتفرقة.

الثاني: يجزئه لأن المقصود هو اللحم وقد أوصل ذلك إليهم، وإن وجب عليه طعام لزمه صرفه إلى مساكين الحرم قياسا على الهدي، وإن وجب عليه صوم جاز أن يصوم في كل مكان؛ لأنه لا منفعة لأهل الحرم في الصيام. وإن وجب عليه هدي وأحصر عن الحرم جاز له أن يذبح ويفرق حيث أحصر، لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرا فحالت كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية، وبين الحديبية وبين الحرم ثلاثة أميال؛ ولأنه إذا جاز أن يتحلل في غير موضع التحلل لأجل الإحصار جاز أن ينحر الهدي في غير موضع الهدي، فكما قال الأصحاب: الدماء الواجبة في الحج لها زمان ومكان.

وأما المكان فالدماء الواجبة على المحرم ضربان: واجب على المحصر بالإحصار، أو بفعل محظور أو الضرب واجب على غير المحصر، فيختص بالحرم، ويجب تفريقه على مساكين


(١) سورة المائدة الآية ٩٥