للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تثبت بها الأحكام عقيدة وعملا. كما أن القرآن حجة تثبت به الأحكام صراحة واستنباطا على مقتضى قواعد اللغة العربية وطريقة العرب في فهمهم للغتهم.

ثانيا: عذاب الكافرين في قبورهم ممكن عقلا وقد دل القرآن على وقوعه، من ذلك قوله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} (١) {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (٢) فهذا بيان واضح في إثبات العذاب في القبر بالنار؛ لأنه لا غدو ولا عشي يوم القيامة، ولقوله في ختام الآية: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (٣) فإنما يدل على عذاب أدنى قبل قيام الساعة وهو عرضهم على النار. وما هو إلا عذاب القبر، وفرعون وآله ومن سواهم من الكافرين سواء في حكم الله وعدله في الجزاء، ومن ذلك أيضا قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ} (٤) {يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} (٥) {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (٦) فإنه يدل على تعذيب الكافرين عذابا أدنى قبل قيام الساعة وهو عام لما يصيبهم الله تعالى به في الدنيا وما يعذبهم به في قبورهم قبل أن يبعثوا منها إلى العذاب الأكبر، وثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعيذ في صلاته من عذاب القبر ويأمر أصحابه بذلك، وثبت أنه بعد أن صلى صلاة كسوف الشمس وخطب الناس أمرهم أن


(١) سورة غافر الآية ٤٥
(٢) سورة غافر الآية ٤٦
(٣) سورة غافر الآية ٤٦
(٤) سورة الطور الآية ٤٥
(٥) سورة الطور الآية ٤٦
(٦) سورة الطور الآية ٤٧