للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يستعيذوا بالله من عذاب القبر (١)، واستعاذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات في بقيع الغرقد حينما كان يلحد لميت من أصحابه، ولو لم يكن عذاب القبر ثابتا لم يستعذ بالله منه ولا أمر أصحابه.

وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} (٢) يدخل فيه تثبيت المؤمن وخذلان الكافر عند سؤال كل منهما في قبره، وأن المؤمن يوفق في الإجابة وينعم في قبره، وأن الكافر يخذل ويتردد في الإجابة ويعذب في قبره، وسيجيء ذلك في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قريبا. ومن أدلة عذاب القبر أيضا ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين فقال: «إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة فدعا بجريدة رطبة فشقها نصفين، وغرز على كل قبر واحدة وقال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا (٣)».

وقد تواترت الأخبار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثبوت سؤال الميت في قبره وثبوت نعيمه فيه أو عذابه حسب عقيدته وعمله بما لا يدع مجالا للشك في ذلك، ولم يعرف عن الصحابة رضي الله


(١) البخاري برقم ١٠٤٩ و ١٠٥٥ و ١٢٧٢ و ٦٢٦٦، ومسلم برقم ٩٠٣، والبيهقي في إثبات عذاب القبر ١٧٧ و ١٧٨.
(٢) سورة إبراهيم الآية ٢٧
(٣) أحمد ٢/ ٤٤١، والبخاري برقم ١٣٦١ و ١٣٧٨، ومسلم برقم ٢٩٢، والبيهقي في إثبات عذاب القبر برقم ١١٧ و ١١٨ و ١١٩ و ١٢٢ و ١٢٥ و ١٢٧ و ٢٢٢، وابن أبي شيبة في المصنف ١/ ١١٢.