من يعول، ويسن له أن يدعو بالخير لمن تصدق عليه، أما أخذ المال على أنه أجرة لتلاوة القرآن، أو لكونه وعظهم وذكرهم، أو إعطاؤه لشخص رجاء بركته، أو جمعه لأشخاص رجاء بركتهم واستجداء لدعائهم فهو غير جائز، ولم يكن ذلك من هدي المسلمين في القرون الثلاثة الأولى التي شهد لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها خير القرون.
خامسا: معنى قوله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}(١) أن الله تعالى أمر رسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - أن يخبر قومه بأنه لا يطلب منهم أجرا على تبليغهم ما أنزل إليه من ربه ودعوته إياهم إلى التوحيد الخالص وسائر أحكام الإسلام، إنما يقوم بالبلاغ والبيان للأمة تنفيذا لأمر الله وطاعة له ابتغاء مرضاته وحده ورجاء المثوبة والأجر الكريم منه سبحانه دون سواه، وذلك ليزيل ما قد يكون في نفوس المشركين من ظنون وأوهام كاذبة أن يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعاهم إلى اتباعه فيما شرع الله لهم ليتكسب بذلك، أو ينال رئاسة في قومه، فبين لهم أن دعوته إياهم إلى الحق خالصة لوجه الله الكريم، وهكذا جميع الرسل - عليهم الصلاة والسلام - لا يسألون الناس أجرا على دعوتهم إياهم، وقد تقدم في الفقرة الأولى من الجواب حديث عمران بن حصين في التحذير من التكسب بالقرآن وسؤال الناس به.
أما ما سألت عنه من عقوبته يوم القيامة بتساقط لحم وجهه فذلك وعيد لكل من سأل الناس وهو في غير حاجة تضطره إلى المسألة ولا مبرر يبيح له أن يسأل الناس، وسواء كان بقراءة