للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد أن تحققت أميته، وتقررت بذلك معجزته، وأمن الارتياب في ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك، من غير تعليم، فتكون معجزة أخرى).

ثم قال الحافظ مخففا من شدة وطء الحملة على الباجي وجماعته: (وعلى تقدير حمله - أي حديث البخاري - على ظاهره، فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف في ذلك اليوم - وهو لا يحسن الكتابة - أن يصير عالما بالكتابة، ويخرج من كونه أميا، فإن كثيرا ممن لا يحسن الكتابة يعرف تصور بعض الكلمات، ويحسن وضعها بيده، وخصوصا الأسماء، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا، ككثير من الملوك، ويحتمل أن يكون جرت يده بالكتابة حينئذ - وهو لا يحسنها - فخرج المكتوب على وفق المراد، فيكون معجزة أخرى، في ذلك الوقت خاصة، ولا يخرج بذلك عن كونه أميا، وبهذا أجاب أبو جعفر السمناني، وتبعه ابن الجوزي).

ثم رد على السهيلي قوله، بأن جريان الكتابة على يده - عليه الصلاة والسلام - في ذلك الوقت فقط، يعارض القول بمعجزته - صلى الله عليه وسلم -، المتمثلة في أميته:

(وفي دعوى أن كتابة اسمه الشريف فقط على هذه الصورة، تستلزم مناقضة المعجزة، وتثبت كونه غير أمي نظر كبير) (١).

قلت: وفيما ذهب إليه أصحاب هذا الاجتهاد تمحل واضح، ووقوف متصلب عند ظاهر النص، كان العلماء في غنى


(١) فتح الباري، ٧/ ٥٧٥ - ٥٧٦.