للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في غير آخر الشهر، وهكذا خسوف القمر يمكن وقوعه في غير ليالي الإبدار، والله سبحانه على كل شيء قدير، وكون العادة الغالبة وقوع كسوف الشمس في آخر الشهر، لا يمنع وقوعه في غيره).

وأما بصدد وجوب اعتماد الرؤية في إثبات الأهلة والشهور، فقال: (وقد صحت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوجوب اعتماد الرؤية في إثبات الأهلة أو إكمال العدة وهي أحاديث مشهورة مستفيضة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين وغيرهما، وحكمه لا يختص بزمانه فقط، بل يعم زمانه وما يأتي بعده إلى يوم القيامة؛ لأنه رسول الله إلى الجميع، والله سبحانه أرسله إلى الناس كافة، وأمره أن يبلغهم ما شرعه لهم في إثبات هلال رمضان وغيره، وهو العالم بغيب السماوات والأرض، والعالم بما سيحدث بعد زمانه من المراصد وغيرها، ويعلم سبحانه ما يقع من الكسوفات، ولم يثبت عن رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قيد العمل بالرؤية بموافقة مرصد أو عدم وجود كسوف، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنا أمة أمية: لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وخنس إبهامه في الثالثة، والشهر هكذا وهكذا وهكذا، وأشار بأصابعه العشر (١)»، وصح عنه أنه قال: «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة، ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة (٢)»، ولم يأمر بالرجوع إلى الحساب، ولم يأذن في إثبات الشهور بذلك.

ولست أقصد من هذا منع الاستعانة بالمراصد والنظارات على رؤية الهلال، ولكني أقصد منع الاعتماد عليها أو جعلها معيارا للرؤية، لا تثبت إلا إذا شهدت المراصد لها بالصحة، أو بأن


(١) صحيح البخاري الصوم (١٩١٣)، صحيح مسلم الصيام (١٠٨٠)، سنن النسائي الصيام (٢١٤٠)، سنن أبو داود الصوم (٢٣١٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣).
(٢) سنن النسائي الصيام (٢١٢٦)، سنن أبو داود الصوم (٢٣٢٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣١٤).