المعرفة، شغلنا الشاغل وهمنا الحافز، فلا ننشغل بتمجيد الوسائل وتضخيم الأدوات، عن تحصيل الأهداف والسعي وراء الغايات.
هذا إضافة إلى ضرورة إنصاف المفاهيم، وتحري الدقة في تحديد الدلالات، فنفرق ما بين (الأمية) و (الجهالة)، فالأمية شيء، والجهالة شيء آخر مختلف.
وإذا كانت (الجهالة) واحدة فقط، من المدلولات الكثيرة، التي يشملها مفهوم (الأمية) ذو الدلالات الواسعة العريضة، فإن هذا لا يبيح لنا بحال، أن نحصر مفهوم الأمية بهذا الحيز الضيق النكد المشين، متغافلين عما سواه، من دلالات أخرى. مشرقة ساطعة نيرة، دلت عليها نصوص الكتاب والسنة، وتضافر على ذكرها والتنبيه إليها المفسرون وشراح الحديث وأرباب اللغة.
إن حصر مفهوم (الأمية) بـ (الجهالة) هو طعن لمفهوم الأمية في الصميم.
والطعن بـ (الأمية) هو في حقيقة حاله طعن بشخص خاتم الأنبياء والمرسلين محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي اصطفى له ربه سبحانه وتعالى أن يكون من دون جميع الأنبياء والرسل موصوفا بأنه (النبي الأمي).
وهو طعن بالتالي بهذه الأمة الكريمة الفاضلة، والتي أراد الله تعالى لها - كما وأراد لها ذلك رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم - أن تكون على مر العصور والأزمان (الأمة الأمية)، التي تتميز بهذه الصفة، عن جميع أمم الأرض قاطبة، وإلى قيام الساعة.
وهذا هو الأمر، الذي نتمنى أن يتنبه له الغيورون، ويلتفت إليه المنصفون، فلا يقعوا - عن حسن نية وبراءة قصد - في شركه