للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرأي الثاني

القول بجواز التسعير فيما عدا قوت الآدمي وعلف البهائم

وقد اعتمد أصحاب هذا الرأي على ما يلي:

أولا: حديث أنس رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أن يسعر قال: «إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعر (١)». . . الحديث.

وحديث أبي هريرة وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «بل الله يخفض ويرفع (٢)» الحديث.

ووجه الاستدلال من هذين الحديثين أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما امتنع عن التسعير في أقوات الآدميين وأعلاف البهائم؛ لأنها أغلب السلع المتداولة في ذلك الوقت؛ فيحمل المنع من التسعير عليها فقط.

المناقشة

نقول: إنه ليس في الحديثين ما يدل من قريب ولا من بعيد على قصر منع التسعير على قوت الآدمي وعلف البهائم، ولم يرد أن هاتين السلعتين يغلب وجودهما في السوق. وحمل الحديثين على هذا المعنى فيه تكلف وتحميل للألفاظ بمعان لا تحتملها.

هذا وقد سبق مناقشة هذين الحديثين بما يغني عن إعادته هنا.

ثانيا: قالوا إن تسعير الأقوات قد يدفع التجار إلى إخفاء السلع مما يؤدي إلى حدوث مجاعات ومفاسد أكبر مما ينتج عن عدم التسعير ولذلك لا يجوز تسعير الأقوات وعلف البهائم، ويجب ترك الحرية للتجار يبيعونها كيفما شاءوا.


(١) سنن الترمذي البيوع (١٣١٤)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٥١)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٠٠)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٥٦)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٤٥).
(٢) سنن أبو داود البيوع (٣٤٥٠)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٣٧).