فلا رجاء في أحد من خلقه، ولا خوف لأحد من خلقه، فما أحد بمرسل من رحمة الله ما أمسكه الله، أية طمأنينة؟ وأي قرار؟ وأي وضوح في التصورات، والمشاعر، والقيم، والموازين تقره هذه الآية في الضمير، آية واحدة ترسم الحياة، صورة جديدة، وتنشئ في الشعور قيما لهذه الحياة ثابتة، وموازين لا تهتز، ولا تتأرجح، ولا تتأثر بالمؤثرات كلها، ذهبت أم جاءت، كبرت أم صغرت، جلت أم هانت، كان مصدرها الناس، أو الأحداث أو الأشياء. صورة واحدة لو استقرت في قلب إنسان لصمد كالطود للأحداث، والأشياء، والأشخاص، والقوى، والقيم، والاعتبارات، ولو تضافر عليها الإنس والجن، وهم لا يفتحون رحمة الله حين يمسكها، ولا يمسكونها حين يفتحها. . وهو العزيز الحكيم.
وهكذا أنشأ القرآن بمثل هذه الآية، وهذه الصورة، تلك الفئة العجيبة من البشر في صدر الإسلام، الفئة التي صنعت على عين الله بقرآنه هذا لتكون أداة من أدوات القدرة، وتنشئ في الأرض ما شاء الله أن ينشئ من عقيدة، وتصور، وقيم، وموازين، ونظم، وأوضاع، وتقر في الأرض ما شاء الله أن يقر من نماذج الحياة الواقعة التي تبدو لنا اليوم كالأساطير والأحلام