للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلية وأعظم فتنة وهي الكفر الذي تدوم محنته، وقد قال سبحانه: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (١).

قال ابن كثير رحمه الله: (أي لا يحسبن الذين لم يدخلوا في الإيمان أنهم يتخلصون من هذه الفتنة والامتحان، فإن وراءهم من العقوبة والنكال ما هو أغلظ من هذا وأعظم) (٢). وكما ابتلي الأنبياء وأقوامهم الذين لم يستجيبوا لهم كذلك ابتلي أتباع الأنبياء، فقد ورد عن خباب بن الأرت - رضي الله عنه - قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا له: ألا تستنصر لنا ألا تدعو لنا؟ فقال: «قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون (٣)». كما أن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاقوا من الابتلاء والمحن ما الله به عليم، حتى أن أول سورة العنكبوت نزل بهم، وهو قوله تعالى:


(١) سورة العنكبوت الآية ٤
(٢) تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٣/ ٦٤٥.
(٣) صحيح البخاري: ٨/ ٥٦ كتاب الإكراه - باب من اختار الضرب والقتل والهون على الكفر، واللفظ له سنن أبي داود: ٣/ ١٠٨: كتاب الجهاد - باب في الأسير يكره على الكفر: ١٠٧: مسند أحمد ٥/ ١٠٩ - ١١١.