للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{الم} (١) {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (٢). قال ابن عباس وغيره: يريد بالناس قوما من المؤمنين كانوا بمكة، وكان الكفار من قريش يؤذونهم ويعذبونهم على الإسلام، كسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والوليد بن الوليد، وعمار بن ياسر، وأبيه وسمية أمه، وعدة من بني مخزوم وغيرهم (٣). كما فتن بعض الصحابة بأحبابه وذويه، مثل سعد بن أبي وقاص حيث نزل بسببه قوله سبحانه: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٤). فعن مصعب بن سعد عن أبيه أنه نزلت فيه آيات من القرآن قال: «حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبدا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا، قال: مكثت ثلاثا حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له عمارة، فسقاها فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٥) وفيها: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (٦)» الحديث. قال الواحدي: قال


(١) سورة العنكبوت الآية ١
(٢) سورة العنكبوت الآية ٢
(٣) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١٣/ ٣٢٣.
(٤) سورة العنكبوت الآية ٨
(٥) سورة لقمان الآية ١٥
(٦) سورة لقمان الآية ١٥