للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الآية نزلت بهذا السبب أو ما في معناه من الأقوال فهي باقية في أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - موجود حكمها بقية الدهر، وذلك أن الفتنة من الله تعالى باقية في ثغور المسلمين بالأسر ونكاية العدو وغير ذلك، وإذا اعتبر أيضا كل موضع ففيه ذلك بالأمراض وأنواع المحن (١). وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} (٢).

فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (٣). ومما يدل على استمرار الابتلاء من الله للناس أمره لهم بأن يتعظوا بما حصل لمن قبلهم كما في قوله تعالى عن سفينة نوح: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ} (٤)، وقوله تعالى في قصة إبراهيم: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (٥)، كذلك قوله تعالى في قصة لوط: {وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (٦).


(١) أحكام القرآن للقرطبي: ١٣/ ٣٢٤.
(٢) سورة العنكبوت الآية ١٠
(٣) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: ١٥/ ٣٦٤، ١٦/ ١٤٨، الإتقان في علوم القرآن ١/ ٨٥.
(٤) سورة العنكبوت الآية ١٥
(٥) سورة العنكبوت الآية ٢٤
(٦) سورة العنكبوت الآية ٣٥