للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة (١)». ومع هذا الأجر العظيم الذي دلت عليه الأحاديث فإنها تدل كذلك على التعويض من الله، سواء في الدنيا أو الآخرة، لدلالة الأحاديث المتقدمة والآيات الواردة في ذلك منها قوله سبحانه: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٢). وقوله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٣). فهذه الآية كما تقدم في تكفير السيئات أن المؤمن لا بد له من ابتلاء حتى عمله ابتلاء من الله هل يصبر ويعمله باحتساب أم لا، فإن كان عمله أشغله عن لذة من لذات الدنيا فإن العوض من الله خير، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله قال إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة (٤)» يريد عينيه. والمتتبع لسير المرسلين وأتباعهم، وما أصيبوا به من أذى، يرى أن العاقبة كانت لهم، سواء في العاجل أو الآجل.

فهذا إبراهيم - عليه السلام - لما صبر على بلاء قومه عوضه الله بذرية


(١) صحيح البخاري: ٧/ ١٧٢ كتاب الرقاق باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى، مسند أحمد: ٢/ ٤١٧.
(٢) سورة العنكبوت الآية ٥
(٣) سورة العنكبوت الآية ٧
(٤) صحيح البخاري: ٧/ ٤ كتاب المرضى باب فضل من ذهب بصره واللفظ له، مسند أحمد: ٣/ ١٤٤ سنن الترمذي: ٤/ ٦٠٣ كتاب الزهد باب ما جاء في ذهاب البصر ٧/ ٤٥٧.