للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالواجبات، ولا بد في جميع ذلك من الصبر) (١). ا. هـ.

وهذا لا يسقط الواجب على المسلم، بل عليه أن يؤدي ما أوجبه الله عليه حسب استطاعته، فإن ابتلي صبر واحتسب، ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (٢)». فإذا تعين على المسلم واجب فعليه أن يسلك السبل التي تعينه على الواجب، ولا يلقي بنفسه في التهلكة، ولا يترك الواجب لشيء دونه فيكون كمن قال الله تعالى فيه: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (٣)، وقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} (٤). فالفتنة قسمت الناس إلى صادق وكاذب، ومؤمن ومنافق، وطيب وخبيث، فمن صبر عليها كانت رحمة في حقه، ونجا بصبره من فتنة أعظم منها، ومن لم يصبر عليها وقع في فتنة أشد منها؛ لأنه وقع بالمعصية وفر من الواجب إلى ما يميل له طبعه وهواه، كما قال


(١) التحفة العراقية في أعمال القلوب لابن تيمية ص ٤٦، وانظر الزهد والورع والعبادة له ص ١٨.
(٢) صحيح مسلم: ١/ ٦٩ كتاب الإيمان باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان سنن النسائي: ٨/ ١١١، كتاب الإيمان باب تفاضل أهل الإيمان - سنن أبي داود: ١/ ٦٧٧ كتاب الصلاة باب خطبة يوم العيد: ٢٤٨ - مسند أحمد: ٣/ ٢٠، - سنن ابن ماجه: ١/ ٤٠٦ كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في صلاة العيدين.
(٣) سورة التوبة الآية ٤٩
(٤) سورة العنكبوت الآية ٣