للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ} (١). يقول الجد بن قيس لما ندبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك يقول: ائذن لي في القعود ولا تفتني بتعريضي لبنات بني الأصفر، فإني لا أصبر عنهن، فالذين استأذنوا لهذا السبب وقعوا في فتنة النفاق، وفروا إليها من فتنة بنات الأصفر، فالفتنة التي فر منها - بزعمه - هي فتنة محبة النساء وعدم صبره عنهن، والفتنة التي وقع فيها هي فتنة الشرك والكفر في الدنيا، والعذاب في الآخرة (٢). يقول ابن تيمية ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يتعرض به المرء للفتنة صار في الناس من يتعلل لترك ما وجب عليه من ذلك، بأنه يطلب السلامة من الفتنة (٣). ويقول نفس إعراضه عن الجهاد الواجب ونكوله عنه، وضعف إيمانه ومرض قلبه الذي زين له ترك الجهاد، فتنة عظيمة قد سقط فيها فكيف يطلب التخلص من فتنة صغيرة لم تصبه بوقوعه في فتنة عظيمة قد أصابته، والله تعالى يقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (٤)، فمن ترك القتال الذي أمر الله به لئلا تكون فتنة، فهو


(١) سورة التوبة الآية ٤٩
(٢) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: ١٠/ ١٤٨: أسباب النزول للواحدي: ٢٨٤، زاد المعاد ٣/ ١٦٩.
(٣) الاستقامة: ٢/ ٢٨٧.
(٤) سورة الأنفال الآية ٣٩