سواء، فآثر الراحة، فالناس يفتن بعضهم بعضا عن الإيمان، ويصرف بعضهم بعضا عن الحق، ويردي بعضهم بعضا في الباطل، إما بالقوة والغلبة، أو بالإغواء والإغراء والأماني، ولكن المؤمنين لا يضيرهم ذلك بل يزداد إيمانهم ويقينهم مهما كان الإيذاء وكانت درجاته. وإليك صورا رائعة من صبرهم: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ}(١)، فعند هذه الآية يذكر المفسرون أصحاب الأخدود وما حصل لهم من أذى وفتنة، فعن صهيب الرومي - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر قال للملك: إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، فكان إذا أتى الساحر مر الراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: