مؤجلا ولو اختلفا في الجنس والتقدير كالحنطة والشعير بالذهب والفضة، وقيل: يجوز مع الاختلاف المذكور وإنما يشترط التقابض في الشيئين المختلفين جنسا المتفقين تقديرا، كالفضة بالذهب، والبر بالشعير.
إذا لا يعقل التفاضل والاستواء إلا فيما كان كذلك، ويجاب بأن مثل هذا لا يصلح لتخصيص النصوص وتقييدها، وكون التفاضل والاستواء لا يعقل في المختلفين جنسا وتقديرا ممنوع، والسند أن التفاضل معقول لو كان الطعام يوزن أو النقود تكال ولو في بعض الأزمان والبلدان، ثم إنه قد يبلغ ثمن الطعام إلى مقدار من الدراهم كثير عند شدة الغلاء بحيث يعقل أن يقال: الطعام أكثر من الدراهم وما المانع من ذلك؟ وأما الاستدلال على جواز ذلك بحديث عائشة عند البخاري ومسلم وغيرهما قالت: «اشترى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يهودي طعاما بنسيئة. وأعطاه درعا له رهنا (١)» فلا يخفى أن غاية ما فيه أن يكون مخصصا للنص المذكور لصورة الرهن. فيجوز في هذه الصورة لا في غيرها لعدم صحة إلحاق ما لا عوض فيه عن الثمن بما فيه عوض عنه وهو الرهن. نعم إن صح الإجماع الذي حكاه المغربي في شرح بلوغ المرام فإنه قال:(وأجمع العلماء على جواز بيع الربوي بربوي لا يشاركه في العلة متفاضلا أو مؤجلا كبيع الذهب بالحنطة، وبيع الفضة بالشعير، وغيره من المكيل) اهـ.
كان ذلك هو الدليل على الجواز عند من كان يرى حجية
(١) صحيح البخاري البيوع (٢٠٦٨)، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٣)، سنن النسائي البيوع (٤٦٥٠)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٣٦)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٢).