للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإجماع، وأما إذا كان الربوي يشارك مقابله في العلة. فإن كان بيع الذهب بالفضة أو العكس فقد تقدم أنه يشترط التقابض إجماعا، وإن كان في غير ذلك من الأجناس كبيع البر بالشعير أو بالتمر أو العكس فظاهر الحديث عدم الجواز وإليه ذهب الجمهور.

وقال أبو حنيفة وأصحابه وابن علية: لا يشترط. والحديث يرد عليه. وقد تمسك مالك بقوله: (إلا يدا بيد)، وبقوله: «الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء (١)» على أنه يشترط القبض في الصرف عند الإيجاب بالكلام، ولا يجوز التراخي ولو كانا في المجلس. وقال الشافعي وأبو حنيفة والجمهور: إن المعتبر التقابض في المجلس وإن تراخى عن الإيجاب، والظاهر الأول: لكن أخرج عبد الرزاق وأحمد وابن ماجه عن ابن عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «اشتر الذهب بالفضة فإذا أخذت واحدا منهما فلا تفارق صاحبك وبينكما لبس (٢)» فيمكن أن يقال: إن هذه الرواية تدل على اعتبار المجلس.

قوله: (إن بيع البر بالشعير. . إلخ) فيه كما قال المصنف تصريح بأن البر والشعير جنسان وهو مذهب الجمهور، وحكي عن مالك والليث والأوزاعي كما تقدم أنها جنس واحد. وبه قال معظم علماء المدينة وهو محكي عن عمر وسعد وغيرهما من السلف وتمسكوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «الطعام بالطعام (٣)»، كما في حديث معمر بن عبد الله المذكور.

ويجاب عنه بما في آخر الحديث من قوله: (كان طعامنا


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٣٤)، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٦)، سنن الترمذي البيوع (١٢٤٣)، سنن النسائي البيوع (٤٥٥٨)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٤٨)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٤٥)، موطأ مالك البيوع (١٣٣٣)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٧٨).
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢٤٢)، سنن النسائي البيوع (٤٥٨٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٤)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٣٩)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨١).
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٢)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٤٠١).