على أن هناك حكمة تختص بجريان الربا في النقدين، أشار إليها ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين حيث يقول (١): (فإن الدراهم والدنانير أثمان المبيعات. والثمن هو المعيار الذي به يعرف تقويم الأموال، فيجب أن يكون محدودا مضبوطا لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع، لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يمكن إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء ويستمر على حالة واحدة، ولا يقوم هو بغيره. إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض، فتفسد معاملات الناس ويقع الخلاف، ويشتد الضرر، كما رأيت من فساد معاملاتهم، والضرر اللاحق بهم حين اتخذت الفلوس سلعة تعد للربح، فعم الضرر وحصل الظلم. ولو جعلت ثمنا واحدا لا يزداد ولا ينقص، بل تقوم به الأشياء ولا تقوم هي بغيرها لصلح أمر الناس- إلى أن قال- فالأثمان لا تقصد لأعيانها، بل يقصد التوصل بها إلى السلع، فإذا صارت في أنفسها سلعا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس. وهدا معنى معقول يختص بالنقود لا يتعدى إلى سائر الموزونات) اهـ.
وذكر الغزالي في كتابه:(إحياء علوم الدين)، ونقلها عنه صاحب تفسير المنار في معرض تفسير آيات الربا، ولتمام الفائدة نستحسن نقل قول الغزالي فيها قال رحمه الله: (من نعم الله تعالى