للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستقصاء، فاعتبروا النص على جريان الربا بنوعيه في الذهب والفضة من قبيل التمثيل بهما لما ينتج التعامل به في حال التفاضل أو الإنظار من الفساد والظلم والقسوة بين العباد، فاستخرجوا مناطا تنضبط به قاعدة ما يجري فيه الربا، إلا أنهم اختلفوا في تخريج المناط.

فذهب بعضهم إلى أن علة الربا في النقدين الوزن، فطردوا القاعدة في جريان الربا في كل ما يوزن، كالحديد والنحاس والرصاص والذهب والفضة والصوف والقطن والكتان وغيرها. وهذا هو المشهور عن الإمام أحمد وهو قول النخعي والزهري والثوري وإسحاق وأصحاب الرأي. وقد اختلفوا فيما أخرجته الصناعة عن الوزن ما لم يكن ذهبا أو فضة، كاللجم والإبر والأسطال والقدور والسكاكين والألبسة من قطن أو حرير أو كتان، وكالفلوس، فذهب جمهورهم إلى عدم جريان الربا فيها. وذهب بعض العلماء إلى أن علة الربا في الذهب والفضة غلبة الثمنية. وهذا الرأي هو المشهور عن الإمامين مالك والشافعي. فالعلة عندهما في الذهب والفضة قاصرة عليهما. والقول بالغلبة احتراز عن الفلوس إذا راجت رواج النقدين فالثمنية عندهما طارئة عليها فلا ربا فيها. وذهب فريق ثالث إلى أن العلة فيهما مطلق الثمنية، وهذا القول إحدى الروايات عن الإمام مالك وأبي حنيفة وأحمد. قال أبو بكر: روى ذلك عن أحمد جماعة. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما من محققي العلماء.