وقال ابن قدامة رحمه الله في كتابه (روضة الناظر) ما نصه (١):
(ومعنى العلة الشرعية العلامة. ويجوز أن تكون حكما شرعيا - إلى أن قال - وتكون مناسبا وغير مناسب) اهـ.
على أي حال فليس هذا موضوع بحثنا، وإنما ذكرنا ذلك استطرادا وتبريرا لتساؤلنا. وعلى أي حال فسواء أكثر القائلون بجواز التعليل بالوصف الطردي أم قلوا؛ فإن هذا لا يغير ما نحن بصدده من ذكر أقوال الفقهاء رحمهم الله في علة الربا في النقدين، ومناقشتهما واختيار ما نراه أقرب إلى الصواب منها.
لقد اختلف العلماء في تعليل تحريم الربا في الذهب والفضة، نتيجة اختلاف مفاهيمهم في حكمة تحريمه فيهما. فمن تعذر عليه إقامة دليل يرضاه على حكمة التحريم، قصر العلة فيهما مطلقا. سواء أكانا تبرا أو مسكوكين أو مصنوعين. وهذا مذهب أهل الظاهر، ونفاة القياس، وابن عقيل من الحنابلة حيث إنه يرى العلة فيهما ضعيفة لا يقاس عليها. فلا ربا عند هؤلاء في الفلوس، ولا في الأوراق النقدية، ولا في غيرهما مما يعد نقدا، والأمر في تحريم الربا فيهما أمر تعبدي.
وغير أهل الظاهر ومن قال بقولهم فهموا للتحريم حكمة تتفق مع مراعاة الشريعة بتحقيق العدل والرحمة والمصلحة بين العباد في الأحكام، وتتفق مع ما لهذه الشريعة من شمول