للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعاش في مكة وبنى البيت الحرام (الكعبة) مع أبيه خليل الرحمن إبراهيم عليهما السلام، ولم تزل العرب على ذلك حتى جاء عمرو بن لحي الكلاعي، وكان زعيم أهل مكة آنذاك فجاء بالأصنام من البلقان ومن الشام واستخرج أصنام قوم نوح التي طمرها الطوفان، بسبب تلك الرؤيا المشئومة التي أراها إياه الشيطان حيث أعلمه بمواقع تلك الأصنام، فنصبها على الكعبة وأمر العرب بتعظيمها فعظمت، وبدأ ينتشر الشرك عن طريق الواردين على مكة الذين حملوا الأصنام إلى أقوامهم، وبعد ذلك أذن الله ببزوغ نجم الإسلام وظهوره على يد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وانتشر الإسلام في أنحاء المعمورة على أيدي أصحابه الكرام رضي الله عنهم، ولم يكونوا يعرفون إلا الآيات المحكمات والأحاديث البينات أخذا بقوله سبحانه وتعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (١) فكان أي اختلاف ينتهي بالاتفاق، وكانت أصول الدين عندهم بالمحل الأعظم مما لم يدع مجالا للاختلاف فيها بل كانوا عليها متفقين لوضوحها عندهم ولكمال فهمهم إياها، وهكذا مضى عصر الصحابة، ثم كان التابعون لهم بإحسان مقتفين (٢) لآثار الأصحاب مقتدين بهم ومضى عصرهم على ما مضى عليه عصر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ومضى عصر تابعي التابعين على ما عليه القوم قبلهم أيضا ولا يعني ذلك أنه لم


(١) سورة النساء الآية ٥٩
(٢) انظر الاعتقاد للبيهقي ص (٢٣٤)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (١ - ١٦) وما بعدها.