للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان كذلك فهو محرم وما بني عليه وهو الاختلاف محرم.

النوع الثاني من الاختلاف: وهو ما كان المقصود منه طلب الحق المدلول عليه بالكتاب والسنة، لكن لاختلاف الناس في مداركهم وعلومهم يحصل الاختلاف مع اتفاق الكل على طلب ما شرعه الله في واقع الأمر وحقيقته مع عدم التعصب والتنازع في ذلك، فهذا النوع من الخلاف مباح وإن كان الاتفاق واجب ما أمكن إلى ذلك سبيلا لما تقدم من أن النصوص تعم بالذم الخلاف في الأصول والفروع، وإنما جاز الخلاف في الفروع للوجوه التالية:

أولا: أن مدارك الأحكام في الفروع ظنية والمجتهد متعبد بذلك؛ لأنه الأمر الذي يستطيعه قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (١) فلا يجب عليه أكثر منه؛ لأن إيجاب اليقين عليه تكليف بما لا يستطاع.

ثانيا: لاختلاف الصحابة في أمور الفروع وعدم تضليل بعضهم بعضا مما يدل على أنه مباح.

ثالثا: قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد (٢)» فلم يخل المجتهد المخطئ من الأجر مما يدل على أنه مباح.


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٦
(٢) رواه البخاري، كتاب الاعتصام بالسنة (٦٨٠٥)، ومسلم في الأقضية (٣٢٤٠).