للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو حكم لهم بالخروج من الأمة لم يعرفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة أو تحجيل لعدمه عندهم (١).

هذا وقد اختلف أهل العلم في مفهوم العدد في قوله: «وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة (٢)» بعد تعيينهم للفرقة الناجية فمنهم من قال: إن المراد بالعدد هو التكثير لا التحديد وأن هذه الأمة سيكثر الافتراق فيها ودليل ذلك حديث: «خط رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا بيده ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليها شيطان يدعو إليه ثم قرأ: (٤)».

ولا شك في أن طرق الشيطان وسبله ليست محدودة بعدد، ولكن يكدر عليه مقابلة عدد الأمة بعدد أهل الكتاب، ومنهم من قال: بل إن هذا العدد مقصود وأن المراد أن هذه الفرق أكثرها خطرا وأعظمها شرا هذا العدد، ومنهم من قال: بل إن عدد الفرق محصور في هذا العدد، لكن لم يأت بيان بتعيينها خشية أن تظهر بدع غيرها داخلة في نطاقها ثم يظن أنها ليست ببدع، وبناء على هذا القول الأخير خاض العلماء في تحديد فرق الضلال بحسب ما أداهم إليه اجتهادهم وليس ذلك عن يقين بل عن ظن غالب، وقد رجح الشاطبي رحمه الله القول الأول لعدم الدليل على


(١) الاعتصام (٢/ ٢٠٥).
(٢) سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٠)، سنن أبو داود السنة (٤٥٩٦)، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٩١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٣٢).
(٣) رواه الإمام أحمد في مسنده ١/ ٤٣٥ وحسنه الألباني في تحقيقه على السند لابن أبي عاصم رقم (١٧).
(٤) سورة الأنعام الآية ١٥٣ (٣) {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}