للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفلك وعلم الجبر، وفن صنع الساعات الشمسية (أي المزاول)، وأخذ الشهرة العظيمة في علم البصريات.

يروي هورد إيفز في كتابه تاريخ الرياضيات أن ابن الهيثم قال: " لو كنت في مصر لعملت في نيلها عملا يعود بالنفع الكثير على سكانها والعالم أجمع، وذلك بالسيطرة على فيضان مياه النيل ". فوصل هذا الكلام إلى الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي تولى الحكم في مصر سنة ٩٩٦ ميلادية، فطلب ابن الهيثم وقدم له كل تكريم وحفاوة، وعهد إليه بتنفيذ ما كان يقوله، فأجرى ابن الهيثم اللازم لدراسة مجرى النيل، حتى وصل إلى أسوان، فوجد أن المصريين قد قاموا بإنشاءات كبيرة هناك، وليس في الإمكان إضافة شيء ما إليها في ظل الإمكانيات التي كانت متوفرة آنذاك. فاعتذر للحاكم عن خطئه وقبل الحاكم عذره. ثم استمر في اهتمامه وعنايته بابن الهيثم، غير أن ابن الهيثم خشي أن يغير الحاكم فكرته؛ حيث إنه كان معروفا بالتقلب وبالإقدام على سفك الدماء، ولكن ابن الهيثم اختفى في مكان بعيدا عن الأنظار خشية من بطش الحاكم به، وفي هذه الحقبة من الزمن بقي يبحث ويؤلف في مخبئه، حتى إن الكثير من علماء العلوم يعتقدون أن هذه الفترة كانت أكثر إنتاجا بالنسبة لفترات حياته الأخرى.

كل من أرسطو طاليس وابن خلدون اعتبرا علم البصريات جزءا لا يتجزأ من علم الهندسة، ولهذا السبب اعتبر ابن الهيثم عالما رياضيا في علم الهندسة منذ زمن بعيد. كما درس وترجم معظم مؤلفات إقليدس وأبو لونيوس، كما ركز على دراسة الإدراك الحسي الذي يشرح أن الأجسام كبيرة إذا كانت قريبة، وصغيرة إذا كانت المسافة بعيدة. كما أوضح أيضا الحقيقة في أن الأشياء تظهر كبيرة تحت الماء وخلف الأجسام الشفافة، وناقش ظواهر طبيعية كثيرة، وبرهن على صحتها هندسيا. ولقد أعطى معلومات كثيرة عن القمر وتحركاته حول مداره، وأثبت بطرق عديدة خسوف القمر.

* * *

ليس من المبالغة إذا اعتبر أن ابن الهيثم هو واضع علم الفيزياء والبصريات على أسسها العلمية الصحيحة، فهو الذي أنكر نظرية إقليدس وبطليموس في علم البصريات التي تقول: إن العين ترسل أشعتها على الأشياء، ولكن ابن الهيثم صحح هذه النظرية في كتابه علم البصريات، وأثبت أن العكس صحيح لنظرية إقليدس وبطليموس. وفي هذا الكتاب وضع الأسس التي لها أهميتها في علم البصريات الحديث.

وفي هذا الكتاب تظهر به نظرية ابن الهيثم المشهورة، والتي تقول: إن الشعاع لا يظهر من العين إلى الأجسام، ولكن الأجسام ترسل أشعتها إلى العين. كما أنه بحث في تشريح العين وتركيبها، وفي العدسات والضوء واستعمال العدسات لملافاة عيوب النظر في نفس الكتاب.