للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن جوزنا هذا فلا يجوز لنا أن نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم، إلى قول آخر قاله عالم يجوز أن يكون معه ما يدفع به هذه الحجة، وإن كان أعلم، إذ تطرق الخطأ إلى آراء العلماء أكثر من تطرقه إلى الأدلة الشرعية، فإن الأدلة الشرعية حجة الله على جميع عباده بخلاف رأي العالم.

والدليل الشرعي يمتنع عن أن يكون خطأ إذا لم يعارضه دليل آخر، ورأي العالم ليس كذلك، ولو كان العمل بهذا التجويز جائزا لما بقي في أيدينا شيء من الأدلة التي يجوز فيها مثل هذا، لكن الغرض أنه في نفسه قد يكون معذورا في تركه له، ونحن معذورون في تركنا لهذا الترك (١).

وفي ضوء ما تقرر من أسباب الخلاف فإن العلماء معذورون في تفاوت استنباطهم للأحكام، فلكل إمام عذره، فإن اجتهد فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر، وفضل الله واسع، ومن استحق الأجر فلا يصح التشنيع عليه وتجهيله، فحسبه إخلاص قصده وحسن سريرته.


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية، ٢٠/ ٢٥٠.