للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الثالث: في الإنكار على من يأخذ بأخف القولين:

الأخذ بأخف القولين مسألة أصولية. وللعلماء فيها قولان: قيل يأخذ بأثقلهما وقيل بأخفهما.

واستدل من قال بالأخذ بالأخف. بالنص والمعقول؛ أما النص فقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (١)، وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا ضرر ولا ضرار (٣)»، وقوله - صلى الله عليه وسلم - «بعثت بالحنيفية السهلة السمحة (٤)» وكل ذلك ينافي الشرع الثقيل.

أما المعقول فإن الله تعالى كريم غني، والعبد محتاج فقير، وإذا وقع التعارض بين هذين الجانبين: كان التحامل على جانب الكريم الغني أولى منه على جانب المحتاج الفقير (٥).

وأجاب الشاطبي عن ذلك: أن السماح الوارد في الحنيفية السمحة جاء مقيدا بما هو جار على أصولها، وليس تتبع الرخص ولا اختيار الأقوال بالتشهي بثابت من أصولها (٦).


(١) سورة البقرة الآية ١٨٥
(٢) سورة الحج الآية ٧٨
(٣) أخرجه مالك مرسلا / شرح الزرقاني ٤/ ٣، وأحمد / الفتح الرباني ١٥/ ١١٠، وابن ماجه عن عبادة بن الصامت، وفي الزوائد إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع / سنن ابن ماجه ٢/ ٨٧٤.
(٤) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه، ج ٧ ص ٢٠٩.
(٥) انظر المحصول في علم أصول الفقه، ج ٢ ق ٣ ص ٢١٤.
(٦) انظر الموافقات، ج ٤ ص ١٤٥.