للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الألفة ونشر جناحا من التقاطع، حتى سوى جناحين بقتل عثمان، فطار في الآفاق، واتصل الهرج إلى يوم المساق، وصارت الخلائق عزين في كل واد من العصبية يهيمون، فمنهم بكرية، وعمرية، وعثمانية، وعلوية، وعباسية، كل تزعم أن الحق معها وفي صاحبها، والباقي ظلوم غشوم، مقتر من الخير عديم. وليس ذلك بمذهب، ولا فيه مقالة، إنما هو حماقات وجهالات، أو سائس للضلالات، حتى تضمحل الشريعة، وتهزأ الملحدة من الله، ويلهو بهم الشيطان ويلعب، وقد سار بهم في غير مسار، ولا مذهب (١)، ومن النتائج المترتبة على هذا المنهج الوقوع في الإثم وحرمان الناس من العلماء سواء عن طريق استعداء السلطة عليهم بتصيد زلاتهم، أو تحريف أقوالهم أو تأويلها لينال الحاكم منهم، أو من طريق التقليل من شأنهم ومن علمهم الذي يحملونه.

وهذا المنهج يوجد الهجران والقطيعة بين العلماء، بل وبين الناس بعضهم مع بعض؛ لأنهم متبعون لهذا أو ذاك.

وأمة الإسلام بحاجة إلى تآلف العلماء ونصرتهم للحق؛ لأن هذا العصر عصر غربة للإسلام، لقلة العلم، والعلماء بالسنة والكتاب، ولغلبة الجهل، وكثرة الشرور، والمعاصي، وأنواع الكفر، والضلال، والإلحاد، وعصر هذا شأنه فإن الأمة بحاجة إلى تكثير سواد العلماء لا قلتهم، وبحاجة إلى أن لا نعين


(١) انظر العواصم من القواصم، ص ٢٤٦.