للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها، ولكن شرقوا وغربوا (١)».

فقالوا: القبلة مجاز، لا كما تفهم على ظاهر لفظها، إنها رمز للإمام، ومعنى الحديث: أي لا تظهروا ولاية الإمام، ولا تظهروا البراءة منه (٢).

وقد سلكت غلاة الصوفية المسلك نفسه، فأوغلوا في النظرة المجازية إلى عبارات الكتاب الكريم، ومضوا يتعسفون في تأوليها حسب أهوائهم، وبما يتفق وشطحاتهم المعهودة:

ففي قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٣)، قال ابن عربي: (هي الحقيقة المحمدية الموصوفة بالاستواء على العرش الرحماني الإلهي) (٤).

وفي قوله تعالى: {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} (٥)، قالوا: (أنزل من السماء أنواع الكرامات، فأخذ كل قلب بحظه ونصيبه، فسالت أودية قلوب العلماء وأودية قلوب الصوفية).


(١) رواه البخاري (٣٩٤) في الصلاة، باب قبلة أهل المدينة والشام، ومسلم (٢٦٤) في الطهارة، وأبو داود (٩) في الطهارة، والترمذي (٨) فيها، والنسائي: (١/ ٢١) فيها أيضا.
(٢) " بيان مذهب الباطنية وبطلانه "، ص (٤٤).
(٣) سورة طه الآية ٥
(٤) " الفتوحات المكية "، ابن عربي، (١/ ١٥٢).
(٥) سورة الرعد الآية ١٧