للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا مراد، رواه الشيخان. قال مسلم: إنه قال لما سأله طاوس عن ذلك: ألا تراهم يبتاعون بالذهب الطعام مرجأ؟.

وحاصل هذا التعليل أن النهي لمنع الاحتيال على الربا، ولا بد في التجارة أن تكون السلع هي المقصودة فيها لا سيما إذا كانت حاضرة، فما معنى شراء فلان السلعة الحاضرة بعشر جنيهات وبيعها من آخر بخمس عشرة وهي حاضرة وهم حاضرون إلا الحيلة على الربا؟ وأي فائدة للناس في حل مثل هذا اللعب بالتجارة وإننا نعلم أن بيع البورصة ليس من هذا القبيل، ولكن أحببنا أن نورد أصل مآخذ العلماء في تحريم بيع الشيء قبل قبضه ليميز المسلم بين البيوع التي تنطبق عليها الأحاديث وغيرها.

ثم إن علماء المسلمين كافة يجيزون إرجاء الثمن أو إرجاء القبض (١) ولكن أكثرهم يمنع بيع الشيء قبل قبضه مطلقا فإن احتجوا بالأحاديث المذكورة آنفا فقد علمت أنها لا تدل على هذا الإطلاق، وإن قالوا إن بيع ما في الذمة لا يخلو من غرر وربما يتعذر تسليمه نقول: إن هذا رجوع إلى القواعد العامة التي وضعها الدين للمعاملات وكلها ترجع إلى حديث: «لا ضرر ولا ضرار (٢)»، فكل ما ثبتت مضرته ولم يكن في ارتكابه منع ضرر أكبر منه فهو محرم وإلا كان حلالا، وهذا ينطبق على قاعدة بناء


(١) هذا ليس على إطلاق فإنهم لم يقولوا ذلك في رأس مال السلم.
(٢) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٣٤٠)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٢٧).