عقود التبرعات؛ لأن المتبرع له لن يضار بشيء إذا لم يوجد المتبرع به ويتسلمه فعلا، ولا في عقد الرهن، فشيء يتوثق به خير من عدمه كما يقولون، ولا في مثل الخضر، والفاكهة، نعني الأشياء التي يوجد بعضها إثر بعض، فمتى ظهرت البواكير منها، جاز بيع ما لم يوجد تبعا لما وجد؛ وذلك لأن فيه ضرورة، لأنه لا يظهر الكل دفعة، بل على التعاقب بعضها بعد بعض، فلو لم يجز بيع الكل عند ظهور البعض، لوقع الناس في الحرج.
جواز بيعه:
وإذا كان جمهرة الفقهاء (١) يتشددون هذا التشدد، على حين نرى الإمام مالك بن أنس يترخص بعض الشيء، فإن ابن تيمية يرى بصفة عامة أن المعدوم يصح أن يكون موضوعا للعقد بمختلف أنواعه، أي: بلا فرق بين عقود المعاوضات، والتبرعات، وإذا حدث أن شيئا ما لم يصلح أن يكون محلا لعقد من العقود، فالعلة ما يصحبه من الغرر والجهالة المفضيان عادة للمنازعة، لا أنه معدوم.
وفي هذا يقول بأنه ليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله، ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، وإنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، فليست العلة في المنع الوجود أو العدم، بل في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-