فيذهب ليشتريه له من السوق ثم يسلمه له، ولكن علينا مع إيماننا بأن الحديث تشريع عام لنا، أن نتعرف علة هذا الحكم الذي أصدره الرسول، ثم نتبع الحكم لهذه العلة وجودا وعدما.
إن هذه العلة ليست عدم وجود موضوع العقد لدى البائع حين العقد، وإلا لم يجز الفقهاء عقود الإجارة والمزارعة والاستصناع ونحوها، فإن محل العقد أو موضوعه فيها جميعا معدوم حين التعاقد، ولكن العلة هي الغرر لعدم القدرة على التسليم حين الطلب، وهو هنا وقت العقد -كما لاحظ ابن تيمية بحق هو وتلميذه ابن القيم - فإذا انتفت هذه العلة في حالة أخرى لم يوجد الحكم.
ثم وهذه ناحية أخرى يجب ملاحظتها، علينا أن نلقي بالا لصدر الحديث وهو قول حكيم:(إن الرجل يأتيني فيلتمس من البيع ما ليس عندي. . .) إلى آخر ما قال، فإن هذا معناه بوضوح: أن المشتري كان يريد تسلم ما اشتراه حين العقد، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده، ثم يذهب لشرائه وتسليمه للمشتري، وما هذا- فيما نرى- إلا حذر ألا يجده في السوق فيتعذر عليه التسليم، وفي هذا ومثله يكون الغرر والنزاع والبيع مبني على التراضي كسائر العقود.
ولكن هذا كله لا نخشاه في البيع الذي يكون من المصدر للمستورد، فإن السوق في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من البساطة والصغر بدرجة لا نأمن ألا يوجد ما يريده المرء