لم يأذن به وعدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة وتقربهم إلى الله عز وجل، ولو كانوا تركوها إنكارا لها ورجوعا إلى الحق لأثيبوا على تركها.
ثالثا: من كتب على نفسه عبادة مشروعة لكنها غير مفروضة وأداها على الكيفية التي شرعت عليها عددا ووقتا مطلقة أو مقيدة فقد أحسن، وليس هذا ببدعة في الإسلام؛ لأنه مشروع بأصله وكيفيته، ومثاله التزام عبد الله بن عمرو بن العاص التهجد وصيام يوم وإفطار يوم، ومداومته على ذلك -رضي الله عنه- حتى ضعف، ولما أشير عليه بالتخفيف عن نفسه قال:(ما كنت لأترك شيئا فعلته زمن النبي صلى الله عليه وسلم)(١).
فمن وفى بما التزم مما شرع الله فقد أحسن، ومن ترك شيئا من ذلك لضعف فقد أخذ بالرخصة ولا حرج عليه، ومن تركه تهاونا وكسلا فقد ارتكب خلاف الأولى.
أما من كتب على نفسه عملا لم يشرعه الله أصلا كالاحتفال بعيد الميلاد، وبأول العام الهجري وبالموالد ونحو ذلك أو التزام ما شرع الله أصله، لكن كان فعله له على غير الكيفية التي شرعه الله عليها فالتزامه بدعة منكرة؛ لمخالفته الكيفية التي شرع الله عليها العبادة، مثاله ما تقدم من الذكر جماعة بصوت واحد مرتفع. . إلى آخره، فإن الله لم يشرعه بهذه الكيفية ولا ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم
(١) أحمد ٤/ ٢٠٠، والبخاري برقم ١٩٧٥، ومسلم برقم ١١٥٩، وأبو داود برقم ٢٤٢٧.