للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يقل الحق تبارك وتعالى إنها علامات التصوف، وإنما قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} (١)، وقال جل شأنه {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (٢)، وقال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ} (٣). وفي أثر سماع القرآن على المتقين قال سبحانه: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} (٤).

فهذه أنوار اليقين تتلألأ في أفئدة المؤمنين، تجعلهم يزدادون من الله قربا بالطاعة، وعدم المعصية، ولا يشك عاقل أن المباهاة بالإيمان رياء مذموم، ومحاولة إظهار الفضل خطأ في حق المسلم، فإذا بكت العين أمام الناس وهي خاشعة لا متصنعة فهي في مرتبة علية عند الله، ولكن هذا لا يستلزم بناء مقام أو صنم لصاحبها فذلك شرك، أو نعته بأنه صوفي واصل فذلك حرام، ويبلغ الإثم مداه عندما يزكي الإنسان نفسه ليقال عنه: إنه شيخ طريقة أو صاحب مدرسة


(١) سورة الأنفال الآية ٢
(٢) سورة مريم الآية ٥٨
(٣) سورة المائدة الآية ٨٣
(٤) سورة الإسراء الآية ١٠٩