للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد عالج الفقه علاقة النية بالإرادة، فقال: إن النية أخص من الإرادة، فليس كل من يريد ينوي، ولكن كل من ينوي يريد، ولكن النية أعم من العزم والقصد، والنية لا تتحرك إلا استجابة لباعث معين، والمسلم الصادق: هو الذي يجتهد في أن تكون بواعثه متفقة مع شرع الله، فلا يبتدع بل يتبع، إذ النية كما يمكن أن تنصرف لله عز وجل يمكن أن تنصرف لسواه (١)، فإن انصرفت لله وحده كانت النية اتباع حيث لا يقصد بها إلا الطاعة والتقرب إلى الله تعالى في إيجاد الفعل (٢)، وهذا ما يرجوه كل مسلم صادق، سواء انصرف قصده إلى الله تعالى قبل الفعل أو قارنه.

٢ - التعريف:

ولنا بعد ما تقدم أن نعرف النية في عبارة بسيطة بأنها صورة خاصة من صور الإرادة وهي في حالة كمون في أعماق الإنسان، ومحل النية القلب، ولا حاجة لإظهارها في عبادات الإنسان إلا ما نص عليه، ولكن النية فيما عدا ذلك يجب أن تدل عليها أمارات خارجية تؤكد استجابة إرادة الإنسان لها، بحيث تقترن بالقصد في الفعل المقدور وبالعزم على الفعل المستقبل، سواء حركها باعث معين أو تحركت تلقائيا، وسواء نشدت من وراء ذلك غاية معينة أو


(١) الرعاية لحقوق الله تعالى، للمحاسبي ط. ١ ص ٢٠٥.
(٢) حاشية ابن عابدين، الحلبي، ج ١ ص ١٠٥.