إن الإنسان المسلم يجب أن يوجه اختياره صوب الأقوم والأسلم، وهذا يقتضي مغالبة النفس، لكي تنحو الإرادة وتتجه نحو طريقها السليم وسبيلها القويم، فإن ركن الإنسان إلى الاستكانة فغلبته شهوته وشقوته، فقد تيقن أمر سوء نيته، وضعف قدرته. ومن الخطأ تصور أن قدرة الإنسان على الصعود صوب كمالات دين الرحمن يمكن أن تنهار لأسباب لا تنبع من ذات الإنسان، فالإنسان هو الذي يختار، وهو الذي يتحرك في إطار ما يختار في ضوء شرع الله.
ومثل ذلك يمكن أن يقال عما ورد في القواعد الأربع (١)، ذلك أنه إذا كان الشرك يفسد العبادة إذا داخلها أو دخل فيها، وكان الكفار الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مقرين بأن الله تعالى هو الخالق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام، وأنهم يقولون ما دعوناهم إلا لطلب القربة والشفاعة. وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاتل من عبد غير الله سواء كان قد عبد الملائكة أو الأنبياء أو الأشجار أو الأحجار أو الشمس أو القمر، وأن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركوا زماننا شركهم دائم في الرخاء والشدة، فإن لازم ذلك أن
(١) جاء في الإشارات الإلهية لأبي حيان التوحيدي تحقيق د. وداد القاضي بيروت ١٩٧٣ م ص ١٩٧ وما بعدها.