للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقضاء الدين ليس عبادة، ولذا فإن الدين يسقط بإسقاط مستحقه له، وإذا تعلق الأمر بمن لا تصدر عنه النية كالصبي فإن وليه ينوب عنه عند الحاجة.

ونية الزكاة تستلزم اعتقاد المزكي أن ما يقدمه إنما هو زكاته، وزكاة من يقوم بإخراجها عنه كالصبي والمجنون، ومحل النية هو القلب، باعتباره محل الاعتقادات كلها، ومثل سائر العبادات فإنه يجوز تقديم النية على أداء الزكاة بالزمن اليسير (١) ولكن إذا دفع الشخص الزكاة إلى الإمام حال قيامه بدفعها إلى الفقراء، جاز ذلك وصحت زكاته سواء نواها أو لم ينوها، لأنه وكيل الفقراء، وتصح الزكاة بلا نية لو أخذها الإمام قهرا، لأن تعذر النية يسقط وجوبها.

وكما أن الإنسان إذا صلى دهرا دون أن ينوي أداء الفرض أو قضاءه لم يجزه، فإن الإنسان إذا تصدق بجميع ماله دون أن ينوي بذلك الزكاة لا يجزيه، وقال أصحاب أبي حنيفة يجزئه استحبابا، وفي باب زكاة التجارة: لا خلاف في المذهب الحنبلي في أنه إذا اشترى شخص عروض تجارة نوى أن يقتنيها فإنها تصير للقنية وتسقط الزكاة من المشتري، وهذا ما ذهب إليه الشافعي وأصحاب الرأي، ويقول صاحب المغني ما حاصله: أن القنية هي الأصل، ويكفي في الرد إلى الأصل مجرد النية، ولما كانت نية التجارة شرطا لوجوب الزكاة في العروض، فإنه إذا نوى القنية فقد زالت نية


(١) المغني، ج٢ ص ٦٣٨ - ٦٤٠.