للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد رد هذا الوجه بأن أسماء إنما رمت بعد طلوع الفجر فلا حجة فيه لمن استدل به على جواز رميها قبل طلوع الفجر قال (١) ابن القيم ليس في هذا " يعني" حديث أسماء دليل على جواز رميها أي جمرة العقبة بعد نصف الليل فإن القمر يتأخر في الليلة العاشرة إلى قبيل الفجر، وقد ذهبت أسماء بعد غيابه من مزدلفة إلى منى فلعلها وصلت مع الفجر أو بعده فهي واقعة عليه، ومع هذا فهي رخصة للظعن وإن دلت على تقدم الرمي فإنما تدل على الرمي بعد طلوع الفجر. انتهى.

* وقال (٢) الطحاوي متعقبا الاستدلال بحديث أسماء على جواز الرمي بعد نصف الليل قال: فقد يحتمل " أي قول مولى أسماء لها" قد غلسنا " أن يكون أراد التغليس في الدفع من مزدلفة، ويجوز أن يكون أراد التغليس في الرمي فأخبرته أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أذن لهم في التغليس لما سألها عن التغليس به من ذلك، وقال بعد ذلك في باب رمي جمرة العقبة ليلة النحر قبل طلوع الفجر" قد ذكرنا في الباب الذي قبل هذا الباب حديث أسماء أنها رمت ثم رجعت إلى منزلها فصلت الفجر فقلت لها: قد غلسنا فقالت: «رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للظعن (٣)». فأخبرت أن ما قد كان رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك للظعن هو الإفاضة من المزدلفة في وقت ما يصيرون إلى منى في حال مآلهم أن يصلوا صلاة الصبح. انتهى.

* (٤) وتعقبه أيضا ابن كثير فقال: إن كانت أسماء بنت الصديق رمت الجمار قبل طلوع الشمس كما ذكرها هنا عن توقيف فروايتها مقدمة على رواية ابن عباس لأن إسناد حديثها أصح من إسناد حديثه اللهم إلا أن يقال: إن الغلمان أخف حالا من النساء وأنشط، فلهذا أمر الغلمان بألا يرموا قبل طلوع الشمس، وأذن للظعن في الرمي قبل طلوع الشمس لأنهم أثقل حالا وأبلغ في التستر، وإن كانت أسماء لم تفعله عن توقيف فحديث ابن عباس مقدم على فعلها لكن يقوي الأول قول أبي داود. .

«عن أسماء أنها رمت الجمرة بليل، قلت: إنا رمينا الجمرة بليل، قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (٥)». انتهى كلام ابن كثير.

والغلس (٦) محركة ظلمة آخر الليل، والليل (٧) والليلات من مغرب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق أو الشمس. انتهى. وإذا كان رميها قد وقع قبل الفجر فتجري فيه المناقشة والمقارنة التي مضت في الجواب عن الاعتراض الثاني على حديث أم سلمة من جهة دلالته.

الدليل الثالث

القياس ونصه: ولأنه (٨) وقت للدفع من مزدلفة وكان وقتا للرمي كبعد طلوع الشمس. ويجاب عن (٩) هذا بأن أوقات المناسك لا تعرف قياسا.


(١) تهذيب السنن ٢/ ٤٠٦
(٢) شرح معاني الآثار ٢/ ٢١٨، ٢١٦
(٣) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، صحيح مسلم الحج (١٢٩١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧).
(٤) البداية والنهاية ٥/ ١٨٢
(٥) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، صحيح مسلم الحج (١٢٩١)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٠)، سنن أبو داود المناسك (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧)، موطأ مالك كتاب الحج (٨٨٩).
(٦) القاموس٢/ ٢٣٢
(٧) القاموس ٤/ ٤٨
(٨) المغنى لابن قدامة ٣/ ٤٤٩
(٩) بدائع الصنائع ٢/ ١٣٨