للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمكن أن يجاب (١) عن هذا بأن حديث عائشة محمول على الجواز، وحديث ابن عباس محمول على الأفضل.

أو أن حديث ابن عباس محمول على غير أهل الأعذار، وحديث عائشة محمول على أهل الأعذار.

الوجه الثاني أن الرخصة لأم سلمة رضي الله عنها أن ترمي في الليل عام في النساء فقط لكنه يجوز لمن بعث معهن من الضعفة كالعبيد والصبيان أن يرمي في وقت رميهن.

وقد يفهم تخصيص ذلك بالنساء من تصرف النسائي حيث ترجم هذه الترجمة " الرخصة في ذلك للنساء" وساق حديث عائشة وذلك بعد روايته لحديث ابن عباس الذي في النهي عن رمي جمرة العقبة قبل طلوع الشمس".

* وقال (٢) محمد شمس الحق العظيم أبادي: وهذا الحكم مختص بالنساء فلا يصلح للتمسك به على جواز الرمي لغيرهن من هذا الوقت لورود الأدلة الدالة بخلاف ذلك لكنه يجوز لمن ذهب معهن من الضعفة كالعبيد والصبيان أن يرمي في وقت رميهن ويجري في هذا الوجه من المناقشة والمقارنة ما جرى في الوجه الذي قبله.

الدليل الثاني

عن عبد الله مولى أسماء بنت أبي بكر «أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: لا. ثم صلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ فقلت: نعم. قالت: فارتحلوا. فارتحلنا فمضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها، فقلت: يا هنتاه ما أرانا ألا قد غلسنا. قالت: يا بني إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن للظعن (٣)». هذا لفظ البخاري وعن عطاء بن أبي رباح، رضي الله عنه، قال: إن مولاة أسماء بنت أبي بكر أخبرته قالت: «جئنا مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما منى بغلس، قالت: فقلت لها: لقد جئنا منى بغلس، فقالت: كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك (٤)». أخرجه مالك في الموطأ والنسائي في السنن.

وأخرج أبو داود قال عطاء: أخبرني مخبر «عن أسماء أنها رمت الجمرة قلت: إنا رمينا الجمرة بليل. قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (٥)»، وقول أسماء رضي الله عنها: كنا نصنع ذلك مع من هو خير منك، وكنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم له حكم الرفع كما هو مقرر في (٦) علم أصول الحديث.

وجه الدلالة في (٧) هذا الحديث دليل على أنه يجوز للنساء الرمي لجمرة العقبة في النصف الأخير من الليل (٨) وحد القبلية نصف الليل بشهادة العرف وظاهره سواء كان ثمة عذر أم لا، ولذلك «قالت أسماء: كنا نصنع هذا على عهد رسول الله صلى عليه وسلم، (٩)» وخطاب المواجهة يعم كما سبق، وقد سبق في رواية البخاري «قد أذن للظعن (١٠)».


(١) الروض النضير ٣/ ٥٣
(٢) عون المعبود ٢/ ١٣٩
(٣) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧).
(٤) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٠)، سنن أبو داود المناسك (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧)، موطأ مالك كتاب الحج (٨٨٩).
(٥) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٠)، سنن أبو داود المناسك (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧)، موطأ مالك كتاب الحج (٨٨٩).
(٦) شرح ألفية العراقي ١/ ١٢٨
(٧) عون المعبود ٢/ ١٣٩
(٨) الروض النضير ٣/ ٥٣
(٩) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٠)، سنن أبو داود المناسك (١٩٤٣)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧)، موطأ مالك كتاب الحج (٨٨٩).
(١٠) صحيح البخاري الحج (١٦٧٩)، صحيح مسلم الحج (١٢٩١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ٣٤٧).