للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللبن فإن قوما قالوا فيه بعدم التحديد، وهو مذهب مالك وأصحابه، وروي عن علي وابن مسعود، وهو قول ابن عمر وابن عباس. وهؤلاء يحرم عندهم أي قدر كان، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، والثوري والأوزاعي) (١).

واحتجوا لذلك بقول الحق تبارك وتعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} (٢).

حيث أطلق الرضاع ولم يقيده بعدد معين (٣).

ولم يحتج المالكية -رحمهم الله تعالى- في ذلك بقول عائشة -رضي الله تعالى عنها-: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن).

وفي ذلك يقول الباجي -رحمه الله تعالى-: (هذا الذي ذكرت عائشة -رضي الله عنها- أنه نزل من القرآن مما أخبرت عن أنه ناسخ أو منسوخ لا يثبت قرآنا؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالخبر المتواتر، وأما خبر الآحاد فلا يثبت به قرآن، وهذا من أخبار الآحاد الداخلة في جملة الغرائب، فلا يثبت بمثله قرآن، وإذا لم يثبت بمثله قرآن فمن مذهبنا أن من


(١) بداية المجتهد (٢/ ٣٥).
(٢) سورة النساء الآية ٢٣
(٣) بدائع الصنائع (٤/ ٧)، بداية المجتهد (٢/ ٣٥).