القرآن أو إنزاله، وهو الكتاب الذي كان موضع الأخذ والرد فيما بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم. . . . .) (١).
أما الأستاذ سيد قطب فأبدع - كعادته - رحمه الله تعالى في بيان هذا الوجه وفي استنباط الإشارات إلى دقائق المعاني، فهو أولا يختار هذا الوجه في الأحرف المقطعة فيقول عنها:(وقد وردت في تفسيرها وجوه كثيرة، نختار منها وجها، إنها إشارة للتنبيه إلى أن هذا الكتاب مؤلف من جنس هذه الأحرف وهي في متناول المخاطبين به من العرب ولكنه - مع هذا - هو ذلك الكتاب المعجز، الذي لا يملكون أن يصوغوا من تلك الحروف مثله. . .) ثم يكشف رحمه الله تعالى عن معنى دقيق وانتقال عجيب من المقارنة بين أجزاء الكلمات وما يتركب منها إلى معنى أعم فيقول: (والشأن في هذا الإعجاز هو الشأن في خلق الله جميعا، وهو مثل صنع الله في كل شيء وصنع الناس. . . إن هذه التربة الأرضية مؤلفة من ذرات معلومة الصفات، فإذا أخذ الناس هذه الذرات فقصارى ما يصوغونه منها لبنة أو آجرة، أو آنية أو أسطوانة، أو هيكل أو جهاز كائنا في دقته ما يكون. . . ولكن الله المبدع يجعل من تلك الذرات حياة، حياة نابضة خافقة، تنطوي على ذلك السر الإلهي المعجز. . . سر الحياة. . ذلك السر الذي لا يستطيعه بشر ولا يعرف سره بشر. . وهكذا القرآن. . . حروف وكلمات يصوغ منها البشر كلاما وأوزانا. ويجعل منها الله