للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في صحيح البخاري عن نافع قال طلق رجل امرأته ألبتة إن خرجت فقال ابن عمر إن خرجت فقد بانت منه وإن لم تخرج فليس بشيء، فهذا لا ينازع فيه إلا من يمنع وقوع الطلاق المعلق بالشرط مطلقا، وأما من يفصل بين القسم المحض، والتعليق الذي يقصد به الوقوع فإنه يقول بالأثار المروية عن الصحابة كلها في هذا الباب، فإنهم صح عنهم الإفتاء بالوقوع في صور، وقد صح عنهم عدم الوقوع في صور، والصواب ما أفتوا به من النوعين ولا يؤخذ ببعض فتاويهم، ولا يترك بعضها. فأما الوقوع، فالمحفوظ عنهم ما ذكره البخاري عن ابن عمر، وما رواه الثوري عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن ابن مسعود رضي الله عنه في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق ففعلته قال: هي واحدة وهو أحق بها على أنه منقطع (١) وكذلك ما ذكره البيهقي وغيره عن ابن عباس في رجل قال لامرأته هي طالق إلى سنة قال: يستمتع بها إلى سنة، ومن هذا قول أبي ذر لامرأته وقد ألحت عليه في سؤاله عن ليلة القدر فقال إن عدت سألتيني فأنت طالق. . فهذه جميع الآثار المحفوظة عن الصحابة في وقوع الطلاق المعلق، وأما الآثار عنهم في خلافه فصح عن عائشة وابن عباس وحفصة وأم سلمة فيمن حلفت بأن كل مملوك لها حر إن لم تفرق بين عبدها وبين امرأته أنها تكفر عن يمينها ولا تفرق بينهما.

قال الأثرم في سننه: ثنا عارم بن الفضل، ثنا معمر بن سليمان، قال قال أبي ثنا بكر بن عبد الله قال أخبرني أبو رافع قال قالت مولاتي ليلى بنت العجماء: كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهي يهودية وهي نصرانية إن لم تطلق امرأتك أو تفرق بينك وبين امرأتك، قال فأتيت زينب بنت أم سلمة وكانت إذا ذكرت امرأة بالمدينة فقيهة ذكرت زينب قال: فأتيتها فجاءت معي إليها فقالت: في البيت هاروت وماروت؟! فقالت: يا زينب جعلني الله فداك إنها قالت إن كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهي يهودية ونصرانية فقالت: يهودية ونصرانية؟! خلي بين الرجل وامرأته قال: فأتيت حفصة أم المؤمنين - فأرسلت إليها فأتتها فقالت: يا أم المؤمنين جعلني الله فداك إنها قالت: كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهي يهودية ونصرانية فقالت: يهودية ونصرانية؟! خلى بين الرجل وامرأته قال فأتيت عبد الله بن عمر فجاء معي إليها فقام معي على الباب فسلم فقالت: بأبي أنت وبأبي أبوك فقال أمن حجارة أنت أم من حديد أنت أم أي شيء؟ أفتتك زينب وأفتتك أم المؤمنين فلم تقبلي فتياهما فقالت: يا أبا عبد الرحمن جعلني الله فداك أنها قالت كل مملوك لها حر وكل مال لها هدي وهي يهودية ونصرانية فقال: يهودية ونصرانية؟! كفري عن يمينك وخلي بين الرجل وامرأته.

وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني في المترجم له: ثنا صفوان بن صالح، ثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال حدثني جسر بن الحسن قال حدثني بكر بن عبد الله المزني قال حدثني رفيع قال: كنت أنا وامرأتي مملوكين لامرأة من الأنصار فحلفت بالهدي والعتاق أن تفرق بيننا فأتيت امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت لها ذلك فأرسلت إليها أن كفري عن يمينك. فأبت، فأتيت ابن عمر فذكرت ذلك له، فأرسل إليها ابن عمر أن كفري عن يمينك فأبت فقام ابن عمر فأتاها، فقال أرسلت إليك فلانة زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وزينب أن تكفري عن يمينك فأبيت قالت: يا أبا عبد الرحمن إني حلفت بالهدي، والعتاقة قال وإن كنت قد حلفت بهما.


(١) في سنده الجراح بن المنهال، ضعفه غير واحد وقال ابن حبان كان يكذب في الحديث ويشرب الخمر